ذي قار بين ارث التأريخ وتحديات البيئة

ذي قار بين ارث التأريخ وتحديات البيئة

ذي قار بين ارث التأريخ وتحديات البيئة

ذي قار بين إرث التاريخ وتحديات البيئة???? ???? محافظة ذي قار كغيرها من المحافظات العراقية تواجه تحديات بيئية كبيرة نتيجة لتأثيرات التلوث المتعددة الأبعاد، على الرغم من أن هذه المحافظة تحتضن تاريخاً حضارياً غنياً وبيئات طبيعية متنوعة تشمل الأنهار والأهوار والأراضي الزراعية، إلا أن التلوث بات يشكل تهديداً وجودياً لهذه الموارد، يتجلى التلوث عبر أشكال متعددة تشمل تلوث الهواء بفعل الانبعاثات الغازية الناتجة عن عمليات استخراج النفط وعوادم السيارات، وتلوث المياه بسبب التخلص غير المنظم من المخلفات الصناعية، بالإضافة إلى تلوث التربة نتيجة للاستخدام المفرط للأسمدة الكيميائية والمبيدات، فضلاً عن زيادة ملوحة الأراضي. تتعدد أسباب التلوث في المحافظة ومن أهمها التلوث المائي حيث تعتمد مناطق واسعة في ذي قار على مياه نهري (دجلة والفرات) التي تعاني من تلوث كبير يجعلها غير صالحة للاستهلاك بنسبة تصل إلى( 60%) وفقا لبيانات وزارة التخطيط، يعزى هذا التلوث إلى المخلفات الصناعية التي تسهم في ارتفاع نسبة الأملاح في المياه والتي قدرت بحوالي (322)ألف متر مكعب سنوياً في عموم العراق، مع عدم معالجة سوى (8%) منها ، بينما (39%) منها لا يتم معالجتها بصورة صحيحة، كما بينت احدى الدراسات بأن ما يستهلك من المياه يومياً بحوالي (7.8) مليون متر مكعب يعود منها (5.9) مليون من المسطحات المائية التي تعاني من اختلاط مياه الصرف الصحي بمياه الشرب بسبب قدم شبكات النقل التي ادت الى زيادة مستويات التلوث، حيث تحتوي هذه المياه على مواد سامة كالفوسفات والأمونيا والكلوريد، مما يجعلها مصدراً خطيراً لتلوث نهري دجلة والفرات، فضلاً عن ذلك تعد فضلات المستشفيات الأكثر خطورة نظراً لقدرتها على نقل الأمراض مما يشكل تهديداً كبيراً للصحة العامة. أما تلوث الهواء فيعود بنسبة كبيرة إلى استهلاك الوقود الأحفوري وانبعاثات شركات النفط الموجودة في محافظة ذي قار فضلاً عن ذلك زيادة انبعاثات عوادم السيارات والمولدات الأهلية التي انتشرت بشكل كبير خلال 20 عام الماضية، حيث ارتفعت نسبة التلوث في عموم العراق الى (12%) مقارنة بما قبل عام (2003) وحسب دراسة أجرتها وزارة البيئة فإن (72%) من التلوث الهوائي يعود إلى عمليات الاحتراق الصناعي ووجود المصانع والورش داخل المدن والمولدات الاهلية وثاني اوكسيد الكاربون ، مما يزيد من خطورة التأثيرات البيئية ويهدد الزراعة المحلية ويؤثر سلباً على التنوع البيولوجي في المنطقة. في ضوء هذه التحديات البيئية المعقدة يصبح من الضروري اتخاذ إجراءات فورية ومستدامة، يجب أن تشمل هذه الإجراءات تعزيز الوعي البيئي بين السكان، وتطوير بنية تحتية متقدمة لإدارة النفايات، مع فرض رقابة صارمة على الأنشطة الصناعية لضمان التزامها بالمعايير البيئية، إضافة إلى ذلك يتعين تبني سياسات تهدف إلى التحول نحو استخدام مصادر الطاقة النظيفة وتنفيذ مشروعات تشجير واسعة النطاق لتحسين جودة الهواء والحد من التلوث. تجسد محافظة ذي قار بحالتها هذه نموذجاً مصغراً لتحديات التلوث البيئي التي تواجه العراق بأسره، إن الحفاظ على البيئة في هذه المحافظة ليس مجرد مسألة تتعلق بصحة السكان والبيئة المحلية بل هو جزء من التزام اوسع بحماية التراث الطبيعي والثقافي الذي يمثل هوية المحافظة.